ليبرلاند.. هل سيتحقق حلم الدولة الفاضلة أخيراً؟!

منذ عدة أيام، وقع نظري على منشور صغير ” طريف ” في الصفحة الرئيسية على موقع التواصل الاجتماعي لديّ، يتحدث عمّا يشبه دولة جديدة لا أعلم أين، تدعى ” ليبرلاند “.
رأيت ذلك المنشور بنظرة سريعة، محدث نفسي قائلاً : لست في مزاج جيد كي أشاهد هذه النكتة الآن، بعدها فوجئت بجميع الصفحات تقريباً على تلك المواقع، والمواقع الإخبارية وغيرها، تتحدث عنها بجدية تامة! وحين تأكد الموضوع، قررت أن أكتب عنها من وجهة نظري المتواضعة.

هل حقاً هناك دويلة تدعى ” ليبرلاند ” سيذكرها التاريخ فيما بعد ؟

نبذة مختصرة

هي دولة “مجهرية ” توجد فقط على الورق والإنترنت وفي عقول من ابتكروها فحسب. لا توجد أي دولة ولا أي منظمة دولية تعترف بها. تستطيع القول أنها “افتراضية” إن صح التعبير. ليس هناك ليبرلاند.

موقعها الجغرافي


  الشيء الواقعي الوحيد فيها هو موقعها الجغرافي، حث تقع على الضفة الغربية لنهر الدانوب، ممتدة لمساحة 7 كيلو متر مربع، تشكّلت بفعل الصراع الدائم بين كرواتيا وصربيا على الحدود بينهما.
بسبب تلك المساحة الممتدة على طول النهر، والتي لم تنسبها إليها أيّا من الدولتين_كرواتيا أو صربيا_، قرر المواطن التشيكي ” فيت جيدليكا مستكوفي ” وهو عضو في أحد الأحزاب التشيكية، إقامة دويلة ” ليبرلاند ” في الـ13 من أبريل عام 2015 م، ونصّب نفسه رئيساً لها.
ربما ليزيح عن كاهل كِلتا الدولتين عناء الشجار، وتقرير مصير هذه المساحة، أو لأنه وجد أرضاً خاوية، غير مملوكة، فقرر الاستفادة منها، واستغلالها استغلالاً مربحاً.

علم ليبرلاند
  
الزي العسكري
في الواقع، أخذ الرجل الأمر على محمل الجد، فلم ينس الرئيس الافتراضي “جيدليكا” الزي العسكري لجيشه الإلكتروني، والذي سيحميه بالتأكيد من هجمات القراصنة ومخترقي المواقع لا أكثر، فبادر بتصميم زي موحد للشباب، والشابات الذين سيقومون بواجبهم تجاه وطنهم المجيد.
وهكذا سيبدون في زيهم ..

كيف تكون ” ليبرلاند ” دولة فاضلة؟

#يقول الرئيس “جيدليكا” إن الشعار الذي رفعه لمواطني ليبرلاند، هو ” عش ودع الآخرين يعيشون “.
#لن تكون هناك أي تفرقة بين المواطنين بسبب العرق أو الجنس أو الدين.
#سيمنح الرئيس “جيدليكا” الجنسية لمن يريد أن يكون ضمن دولته المتواضعة، لكن بشروط عليك معرفتها إن فكرت يوماً في الذهاب إلى هناك.
#احترام الآخرين وآرائهم على اختلاف أصولهم، وأعراقهم، وديانتهم.
#احترام الملكية الخاصة، وعدم المساس بها.
#ألا يكون لك تاريخ نازي، أو شيوعي، أو تبني أي أفكار متطرفة ” في الماضي “.
#في حين ثبتت إدانتك بأي جُرم في ماضيك، فإنه سيعفى عنك، ولن يصدر بحقك أي عقوبات أو أحكام.
شخصياً ، أعجبتني تلك المبادئ البريئة، التي لم يعد لها وجود في زماننا..

ليبرلاند تفتح باب الهجرة .. حيث تكون المفاجأة

 حين وجه “رئيس” تلك الدولة الافتراضية الدعوة للأشخاص حول العالم بالقدوم إليها، يقول أنه وجد أكثر من 20 ألف طلب للمواطنة فيها، حسب الصفحة التي حملت اسم الدولة على فيس بوك.
أؤكد لهم أنهم سيظلون في عالمهم “الافتراضي” على الإنترنت، وفي عقولهم الواهمة، حتى وإن وصلوا إلى مليون طلب مواطنة، إلا إذا تطور الأمر  بشيء ما. عندها، سيكون لكل حادث حديث.

ردة الفعل العربية..

  كالعادة، أكثر ما أدهشني ويدهشني دائماً، أكثر من الخبر نفسه، هي ردة الفعل العربية التي تتميز دائماً بالمقولة :
كن معهم حيثما ذهبوا، لعلهم يتذكرونك في وقت ما
كم هائل من الأخبار والعناوين تواترتها المواقع على شبكة الإنترنت، وأصبحت تلك المواقع التي في العالم الافتراضي تروج لتلك الدولة “الافتراضية”، عن طريق عناوين “افتراضية” تجذب انتباه الجمهور. مثال ذلك :-
#تعرف على شروط الهجرة والحصول على الجنسية لدولة ليبرلاند.
#ليبرلاند تفتح باب الهجرة، هل ستكون واحداً منهم ؟
#رئيس ليبرلاند يصرِّح بحاجته لعدد من المواطنين في دولته” .. وخذ من تلك الأمثلة الكثير الكثير!.
المواطن البائس من وضعه الحالي، وبرد فعل طبيعي بكل طيبته، و طاقته الكامنة داخله، سيفتح تلك المواقع بلهفة، ويجلس ساعات ليتعرف على تلك الشروط، وكيفية التسجيل، وتقديم الأوراق، والسؤال هنا وهناك، كما لو كانت على أرض الواقع حقاً.
العجيب، أنه بالفعل، وصل بهم الحال من المصداقية، أو لربما الفكاهة، إلى أن بعض الأشخاص اجتهدوا في عمل صفحة باللغة العربية لهذه الدولة على فيس بوك، فقط ابحث عن تلك الصفحة، واستعد لنوبة ضحك هيستيريستدمع لها عيناك.. :
الطريف في الموضوع حقاً، ليس كل ما مضى إطلاقاً، وإنما تلك الرسالة والتي تنص على أن بعض الدول، من ضمنها ” الدول العربية” ، يستثنى رعاياها من حق المواطنة :
هذه الرسالة يقول أحد الأشخاص أنها وصلته من إدارة موقع الدولة على الإنترنت، بعد أن قام بتقديم الطلب. :Dبالتأكيد خمنتم من أي بلد يمكن أن يكون.  
الألم، كل الألم في القصة فعلاً، هو أن بعض الأشخاص قد تصل بهم الحالة لتصديق ما يحدث وكأنه على أرض الواقع، ولا استبعد أن أجد بالفعل أشخاصاً طافت بهم أحلامهم، قد يذهبون حقاً للقاء “جيدليكا” ليتعرفوا أكثر عن تلك الدويلة “الافتراضية”، أو يطلبوا حق اللجوء، ربما.!

No comments:

Post a Comment